Thursday, December 2, 2010

مواطن بدرجة ناخب ..

لعلها المفارقة التى تجعل أولى تجاربى الانتخابية مميزة بهذا الشكل الذى جاءت عليه انتخابات مجلس الشعب هذه الدورة .. أتحدث هنا من موقعى كمواطنة عرضت عليها جميع القوى السياسية بضاعتها لتشترى ,, ما بين مقاطع ومشارك ,, ثم حكومى ومعارض ,, ثم قاتل ومقتول .. !!

لن أنكر أنى فى طريقى إلى صندوق الانتخاب ومع التواجد الأمنى وأنباء " تقفيل اللجان " ساورنى بعض الشك فى ماهية ما أفعل ,, ليس كخيار مشاركة أو مقاطعة فالمقام كان قد استقر بى للمشاركة لاعتبارات كثيرة رأيتها فى حينها ,, لكن كعملية سياسية عبثية برمتها لن يجدى معها نفعا صندوقا انتخابيا ولا أيادى ترفع للاعتراض والرفض داخل أروقة نظامية بالمقام الأول ,, لكن اعتباراتى غالبتنى فوجدتنى أمام ورقة الترشيح " أعلّم " على مرشحين صوريين , فى محاولة لإبطال صوتى الانتخابى , حيث لم يقنعنى أيا من برامجهم فضلا عن انتماءاتهم ..

لكنه وبعد ساعة من بدء عملية التصويت اكتشفت أن كل هذه الاعتبارات التى جاءت بى إلى صندوق الانتخاب أضحى لا معنى لها .. لأنه لا معنى لأن تفضح نظاما مكشوف الوجه ,, ولا معنى لأن تشارك فاسد وظالم فى رسم ابتسامة خيلائه وزهوه ,, ولا معنى لأن تقاوم دولة بمواطن خائف وجائع ,,

جلّ من رأيتهم فى اللجان اليوم , ليسوا " ناخبين " وإنما "مواطنين" أعوزتهم الدولة إلى الصندوق الانتخابى ,, هذه السيدة التى تقف لتنتخب رجل الأعمال الذى وعدها ب100 جنيه ,, والآخر الذى وعده بوظيفة لابنه ليس ب" ناخب " وإنما هو ضحية نظام أفقره وأذهب راحة باله عندما أقلقه ليس على مستقبل أولاده وإنما على مستقبل عشاء يومه .. !!

هكذا استطاع الحزب الحاكم أن " يجرّ " وعى الناخب إلى تلك المنطقة التى لن ينافسه فيها أحد ,, فلا المعارضة – الحقيقية – تملك رجال الأعمال الذين لايرون غضاضة فى توزيع ال100 جنيه - فهم إما أن يربأوا بأنفسهم عن ذلك أو يربأوا برسالتهم عن هذا أيضا, فضلا عن أن الدولة الموقرة لن تسمح بمثل تلك " الانتهاكات " من قبل المعارضة ,, !! -


ولا هى أيضا – أى المعارضة - تملك إمكانيات الدولة التى تجعل من صكوك التوظيف أمرا ممكنا .. لذا ليس غريبا ما ذكره الأستاذ فهمى هويدى فى مقاله " بص وشوف " من أن " الوزراء التسعة المرشحون توددوا إلى أهالى دوائرهم بوسيلتين أساسيتين : الأولى , تعيين شباب الدائرة فى وزاراتهم , والثانية الوعد بإعطاء الدائرة الأولوية فى تنفيذ المشروعات الجديدة ,, " فى ظل غياب يتزايد لدور الدولة كدولة .. !!

وبالتالى فمن لايحتاج إلى " عطايا " المرشحين , هو الآخر استجاب – كردة فعل طبيعية لعملية ممنهجة ومنظمة - لتلك المنطقة التى حصرنا فيها النظام ,, منطقة " الحاجة والخدمات " .. هذه "الجامعية " التى تقف لتؤيد مرشح الحزب الحاكم باعتباره " الأقدر " على توفير بعض الخدمات التى هى مسؤلية الدولة بالأساس شاهد عيان على ذلك خاصة ونحن نتحدث عن " مجلس تشريعى " معروف تخصصاته وليس مجلس محلى من شأن وظيفته رعاية الخدمات للمواطنين .. لكنها الدعاية الانتخابية والآلة الإعلامية واللعبة السياسية التى أوجدت " عملية إنتخابية " دون " ناخب " ..

من يتابع المشهد الانتخابى عن قرب سيدرك هذا ويدرك معه أن من يأمل بثمار إصلاحية سريعة من الصندوق الإنتخابى هو واهم بالحقيقة , لأن الصندوق يفتقد الناخب ,, المشكلة ليست فى الإنتخابات ونزاهتها ,, ولا التزوير ولا البلطجة ,, ولا النظام المستبد ,, المشكلة فى أساسها تكمن فى " الناخب " هو رهان المعادلة وحصان الطراودة ,, هذا " الناخب " بظرفه السياسى والإقتصادى الحالى لا يمكن لى أن ألومه على بيع صوته أو تخاذله أو سلبيته ٍ, هو ليس بالرفاهية الكافية ليعطى لنفسه فرصة " الوعى " بالبعد الاستراتيجى لصوته , وهو نفسه من سيحاسبك على ما يفهمه هو من مهام عضو مجلس الشعب وليس على ما تعرفه أنت من اختصاصه ,, طبيعى جدا فى هذه الحالة أن يأتى من يقول لك أنا لن أرشح فلان " المعارض " ثانية لأنه لم يقدم لنا شيئا ,, هذا الشىء الذى يتحدث عنه ليس إلا أنه لم يتوسط لابنه فى نادى الشمس ,, أو يعين ابنته فى مدرسة خاصة .. !! هذا هو مبلغ آماله من عضو مجلس الشعب ,, وللمفارقة لن يرضى بأكثر من ذلك .. !!

هذا " المواطن " ومهما أوتيحت له من فرص نزاهة , هو غير قادر على تحديد خياراته بوعى ونضج كافيين , بما فى ذلك أسباب اختياره حتى " للمعارضة " , فعندما يتوفر " الناخب " يتوفر الصندوق الانتخابى والإرادة الشعبية ,, أقبلها حينها معارضة أو حكومة , لأنه فى هذه الحالة – وفيها فقط – يكون قد أملى هذا " الناخب " إرادته على الجميع .. ولن يجدى معه أيضا بلطجة أو تزوير أو عصا أمنية ..

وإحقاق للحق ,, صادفت مواطنا ناخبا اليوم ,, لكن بقوا استثناء المشهد وشواذ القاعدة ..

وبقيت على حالى طوال اليوم أقلب النظر بين الناخبين و أفكر فى معنى " المواطن الناخب " .. حتى شارف الوقت على الانتهاء ,, وخلت اللجان من زائريها وأسدل الستار على المشهد الإنتخابى , وعدت إلى بيتى ,,

لكنى عدت بغير ما ذهبت به .. ..

إن كان لأحد أن يقول أن من رأيتهم اليوم سيفهمون معنى " المقاطعة " كإرادة وخيار شعبى يتبعه عصيان مدنى وسلسلة غير منتهية من الرفض والثورة فهو مازال فى برجه العاجى, تماما مثل من كان يتوقع أن يأتى به صندوق الانتخاب هذه الدورة وهو معتمد على برنامجه الإصلاحى ونزاهة يده ومعارضته الشريفة ..

المواطن مازال بحاجة لأن يصل إلى درجة " ناخب " ولم أجد حلا آخر غير المشاركة لصنع هذا الوعى ,, هو بحاجة لأن يرى بديلا أمامه , أن يطرق سمعه نبض مقاومة لما هو حادث , أن يرى من يؤمن بالتغيير حتى لايفقد أمله فيه , تحتاج الأجيال القادمة لأن تشب على وقع معارك قد تؤلم لكنها تطرد من النفس بقايا خوف سحيق .. والزمن هنا جزء أصيل من المعادلة ,, فلنلتفت لما فى أيدينا , وننشغل بوعى الناخب قبل صوته ,, فهذا ما نحتاجه مشاركة ومقاطعة ..

28\11\2010

9 comments:

Anonymous said...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اختنا الكريمة زهراء بسام تعجبنى كتابات جدااااا سواء على المدونة هنا او على يقظة فكر وخصوصا مقالات يقظة فكر واستاذن حضرتك فى سؤال من هما اكثر الكتاب اللى حضرتك بتقرى ليهم والكتب

مصر اليوم said...

كتاباتك حلوه بجد

Zawag alnaddy زواج النادى said...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكم الله خيرا على هذا الموضوع الجميل ومن قلبي بدعى ان اى حد هنا ربنا يرزقه بزوج او زوجه ويبقي تعارف فى الحلال ** بجد موضوع جميل ومشوق... بارك الله فيكم يا شباب

Anonymous said...

للمرة المليون مش عايزين رئيس حرامى و كذاب

يمتلك شفيق منزلا فى باريس وفيلا فى التجمع الخامس وأخرى فى مارينا وثالثة فى الغردقة... من أين له هذا؟ و لماذا يرفض أحمد شفيق الأعلان عن ذمته المالية و ممتلكاته فى كل حواراته التليفزيونية.. هل هى من أسرار الأمن القومى؟
و هل نكذب كتاب الفريق سعد الدين الشاذلى و نصدق بطولات أحمد شفيق الوهمية ؟

أرجو أن تقرأ (مقال ثقافة الهزيمة .. طيور الظلام) و هو ضمن مجموعة مقالات ثقافة الهزيمة بقلم غريب المنسى بالرابط التالى

www.ouregypt.us

و لايفوتك الذهاب إلى صفحة أخبار المجتمع فى نفس الرابط و قراءة مقال من هو أحمد شفيق؟

Anonymous said...

ثقافة الهزيمة .. ناس هايصة و ناس لايصة

و نشرت شبكة الإعلام العربية "محيط " فى 30 يناير 2012 قال المحامى "خالد على" رئيس المركزي المصري للحقوق الأقتصادية والاجتماعية، في ندوة عقدت في معرض القاهرة الدولي للكتاب، أن راتب المشير حسين طنطاوي، 3 ملايين جنيه، الفريق سامي عنان يتقاضى 2 مليون جنيه شهريا. متسائلاً: "كيف نتكلم عن الثورة والعدالة الاجتماعية وسط هذا الواقع؟"

...باقى المقال بالرابط التالى

www.ouregypt.us

و نشرت جريدة المصرى اليوم فى 3 يوليو 2012 ذكرت مصادر مقربة من د. محمد مرسى، رئيس الجمهورية، أن الحكومة الجديدة المقرر تقليص عدد وزاراتها إلى 28 بدلاً من 32، بينما فى ألمانيا حوالى 82 مليون نسمة لا يتجاوز عدد الوزراء 14 وزيرا بالأضافة لمنصب المستشار الألمانى

العاب النادي said...

يعطيك العافية

Anonymous said...

عطشـــان ياصبايا دلونى على السبيل

فى عام 2008 كتبنا فى مصــــرنا محذرين ...

من المؤسف أن صحفى مصرى مقيم فى أمريكا يكتب و يهتم و يحذر منذ أكثر من 6 سنوات بينما فى مصـــر نيام .. نيام -
عزيــــزى القارئ أرجو أن تتعب نفســـك و تقرأ :
- حوار مع السفير إبراهيم يســـرى
- حوار الفريق ســوار الذهب : أتمنى أن تزول الحدود بين مصــــر و الســـودان
- ثقافة الهزيمة .. السودان أرض مصرية
- ثقافة الهزيمة .. موسم الهجرة إلى الجنوب ...

بالرابط التالى

www.ouregypt.us


قال تعالى "و ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع و الخوف بما كانوا يصنعون" . سورة النحل آية 112

وهذا ما يحدث لمصر الأن فهل من رجوع إلى الله حتى يرحم المصريين مما هم فيه.

Unknown said...


thx

شركه تنظيف

Unknown said...


thx

شركه تنظيف

 
Designed by Lena Graphics by Elie Lash