Monday, November 30, 2009

آلاء .. عالمى الصغير

دائرة كبيرة هى عالمنا وعالم من حولنا , بالتزاماته واعتباراته ... ومميزاته أيضا , فنحن لن نغفلها إذا كنا نبحث عن إنصاف
تأخذنا الدائرة أحيانا إلى حيث تريد وفى سط دوامتها نفقد جزءا من جنون المثالية .. براءة الحلم .. حماسة المحارب . والأهم أننا ربما نفقد صدق المعنى , فلا تعد تلك الأماكن كما كانت سابقا , ولا هؤلاء الأشخاص ولا تلك الضحكات ولا كل ما كنا نرتبط به صغارا فيصنع فرحة صافية لا يكدرها رمادية دائرة الحياة ,
ونجدنا داخل حلقة رتيبة من الاعتيادية المملة , وننظر فنجد مركز الدائرة أصبح بعيييدا ... وننتبه حينها أننا لابد وأن نعود ...
هى وحدها من يمكنها أن تعيدنى إلى مركز دائرتى , بل والأكثر أنها وبدون تكلف تستطيع أن تعيد الروح إلى خطوط الدائرة الكبيرة , لتتبدل ألوان الحياة وتبدو متناسقة ومتكيفة مع جميع درجات " الرمادى " الموجودة بالكون
هى آلاء .... عالمى الصغير
هى من هؤلاء الذين إذا نظرت إليهم اطمأننت أن " الدنيا لسه بخير " , تحتفظ عيونها برونالصدق والبراءة , فتخلق عالما فريدا يدخله كل من يراها شاء أم
لها تفاصيلها المختلفة ويمكننا أن نقول انها من تصنع هذا الاختلاف , آلاء هى من تحكى لى قصة " الأرنب بسام " تصمم على هذا وكأنها تريد أن تكسر قاعدة أن الكبار هم من يحكون و بطبيعة الحال اجدنى استسلمت لقاعدتها , فليس هناك أجمل من ان تستمع إلى آلاء وهى تعطى نصائحها بالالتزام ببر الوالدين ... وتختم قصتها قائلة " استفدتى إيه بقى ؟ "
لهذا , هى لاتقبل أن تكون هامشا تصر دائما على أن تكون المحور , لذا فعقابها يكون قاسيا إذا ما وجدتنى لا انتبه لحديثها ,لأن لدّى ما هو أهم من حكايات استاذ الحساب ومحفظ القرءان ومشاكل ديسك المدرسة , فتقرر حرمانى من تشريفها لى بمشاركتها همومها , وتعلن غضبها بقرار حاسم " مش هحكيلك تانى عشان انتى مش بتبصيلى وانا بتكلم " لا أملك حينها سوى أن احتضنها معتذرة لها عما بدر منى من سوء أدب لا يليق بحديثها المهم !!
وكجزء من تفاصيل عالمها المختلف , آلاء لها طريقتها فى التعبير عن مشاعرها لاتستقبلنى بعد عودتى من الكلية بقولها " وحشتينى " وإنما بتساؤل " وحشتك ؟" وكأنها تريد أن تقول لى أنها تفتقدنى بطريقة أخرى , تعبر عنها عندما تأخذنى من يدى إلى الداخل لتخبر أمى وأبى وجميع من بالبيت وربما البيوت المجاورة أنى قد عدت لتوى من السفر ,,
تخبرنى أنها قد " اختزنت " الكلام كله طوال أيام دراستى لتقوله لى ... واشعر أنها " اختزلت " العالم كله فى كلماتها , التى غالبا لا ننهيها على وعد بإكمالها المرة القادمة لأن أيام أجازتى قد انتهت
بهذا قد أوصلت رسالتها ... لكن أيضا بطريقتها !!
يبدو هذا جليا فى ثقتها أننى أحبها ... ليس لشىء إلا لأنها تحبنى والحب يوجب الحب ترى فى هذا متلازمة واجبة الحدوث كسبب ونتيجة , و لا اعرف حقيقة إن كانت ستسمر على قناعتها هذه مستقبلا أم لا ؟؟!!
وبالمقابل آلاء ليست بالطفلة الساذجة , فهى تعى معنى غزة والأقصى ترى فى " حصّالتها " مدخلا لتحرير القدس , لها آرائها المسبقة عن كل شىء والتى لا يمكن لأحد أن يثنيها عن قولها , فتبدى رأيها فى أى مجلس كان فيه من كان وبأريحية شديدة وكأنها بحثت وتعمقت حتى وصلت إلى هذا الرأى الذى لابد وأن يبهر الجميع , ليس لأنه مميز فى ذاته , لكن لأنه صدر عن آلاء بطريقة آلاء وبكلمات آلاء فكان له طابعه المبهر تماما كعقلها الصغير
لم أنسى يوم أن اخبرتنى أن اهم ما تعلمته من " الصلاة " أنها " تبقى شجاعة ومتتكسفش انها تعتذر إذا أخطأت " هذا الذى كان سابقا من المستحيلات عندها ... فآلاء لا تعتذر بحال من الأحوال ... هى لخصت معنى قوله تعالى " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " بهكذا فهم , ربما لايوجد عند كثير من " الكبار "
وآلاء مازالت تحتفظ بكبرياءها , فدموعها لا يمكن أن يراها أحد تغالبها فلا تستطيع, فتهرب من الجميع , ربما لتعاقب نفسها على أنها سمحت لعيونها أن تخونها وتظهر " بعضا " من ضعفها , لأنها تجيد لعب دور " القوية " وفى السياق نفسه هى " تكره " النفاق و لاتعرف معناه , تحب من تحب وتكره من تكره وهى لاتعرف لذلك سببا ... فقط يوجهها صدق إحساسها !!
ببساطة ما يميز آلاء حقا أنها تغرد خارج السرب تأبى أن تدخل الإطار تعيش خارج حدود الزمان والمكان محتفظة بما تؤمن به وفقط ... لا يمكنها بحال من الأحوال أن تكون من أطفال " ما بعد الحداثة " وكذلك عالمها بطبيعة الحال , تصنع هى تفاصيلها غير مبالية بما هو خارج عالمها
يبدو هذا واضحا فى اختيارها لتسريحة " القطتين " وذوقها فى اختيار ملابسها , فآلاء مازالت تصر على "الجوب " المنفوش , ولا تحب " الجينز " ولا العاب الكنبيوتر , ترى فيهم مالا يليق بطفولتها ... فآلاء لايثير فضولها كثيرا عالم الصغار بملامحه الحداثية المشوهة ,, وهى فى اختياراتها هذه لايضيرها من حولها فهى تشعر بتميزها واختلافها فلا يحق لأحد أن يدخلها حلبة المقارنة مع من سواها ... آلاء تحب عالمها وتجبر الجميع أن يدخله ولو للحظات فى حضرتها .. فتكون بحق ... لحظات إلهام

Friday, November 13, 2009

بصمة روح ..


نحن نتغير .. شئنا أم أبينا .. نفعل ذلك بصمت .. تلك هى الحقيقة التى نهرب منها دائما ...
ظلت هذه الفكرة تراودنى بشكل غريب وتتلاحق معانيها فيا على نحو يشبه المحاصرة ,, ففكرة "التغيير" لاتروقنى بحال من الأحوال , بل يمكننى القول أنها مخيفة على نحو ما توقعه فى نفسى من معنى سلبى ,
فالتغير مرتبط عندى على المستوى الانسانى بمعانى فى معظمها متحول من الإيجابى إلى السلبى ..
ربما يأخذ كلامى على محمل من الغرابة , لكن ثمة كلمات فى حياتنا لا تأخذ معانيها من معاجم اللغة وإنما مما توقعه داخلنا من أثر , وما يحتفظ به عقلنا الباطن من تجارب وخبرات وأحاسيس , لذا فإنى عندما أتحدث عن خوف من " التغيير " فأنا أقصد معناه فى نفسى وليس بالضرورة ما يوحيه اللفظ من دلالة ترتبط بقواعد اللغة أكثر مما ترتبط بقواعد النفس البشرية التى لها دائما قواعدها وقوانينها الخاصة .
يرجع خوفى لقناعتى بأن لكل منا " بصمة روحه " التى تختص به ولا تختص بأحد غيره و تكون عنوان توازنه واتزانه بحيث يكون فى المساس بها تهديدا لاستقرار أنفسنا التى نظلمها معنا كثيرا
هذه " البصمة " هلامية لا يمكن تحديدها بصفة معينة أو معنى واضح , وهنا وجه الخطورة , أننا فى وسط " التغيير " لا نستطيع حمايتها , لأن أول الحماية معرفة ما نحميه على وجه الدقة ونحن هنا لانعرفه اصلا .. هو فقط معنى نجده فى أنفسنا ونجد أنفسنا من خلاله ,, فإذا ضاع .. تهنا فى عالم من الصخب .. وفقدنا صدق الأشياء من حولنا .. ومن قبل صدق أنفسنا .. !!
بطبيعة الحال ليس كل تغير سيئا, لكنه يحتمل الكثير من المغامرة والمخاطرة , لذا فالرهان هنا محكوم بالنتائج الغير مضمونة ... فيبقى الخوف قائما من أثر التغيير على " بصمة أرواحنا " , التى هى صمام الأمان لكل ما هو فطرى صحيح فى عالمنا .
وبالمقابل فإن بديل " التغيير " ليس " الجمود " بالتأكيد , فطبيعة الحياة تأبى ذلك أصلا , فضلا عن أن قوانينها لا تسمح باستمراره لفترة طويلة , مما قد يؤدى بنا الى "الانعزال" كحل سلبى لواقع مرفوض ,

وإنما اعتقد أننا إذا استطعنا الوصول إلى حالة من " الثبات المرن " على مجموعة من القيم ترتبط بمسلمات صحيحة يتعارف عليها البشر من حيث كونها مسلمات إنسانية ترتبط بثقافة العموم وليس الخواص , فإذا أضيف لها التزامات الخواص كانت أشد تأكيدا من غيرهم ,
ومع هذا الثبات تكون هناك مساحة من المرونة للتكيف مع تغيرات الواقع وتطور الحياة , فإننا بهذا نضمن للروح سلامها وللعقل اتزانه وللنفس طمأنينتها ..
الاهم هنا أن تشكل تلك " المسلمات " " مرجعية " نستند إليها إذا ما أخذتنا دوائر الحياة إلى حيث تريد , لأن هناك حقيقة تقول أن ليس فى يومنا ما يمر مرور الكرام أبدا , كل يترك أثره فينا على نحو ما , فيكون الاعتماد هنا على تلك " المرجعية " أن تضع الامور فى نصابها الصحيح وأن تضمن لنا موازنة جيدة مع واقع يفرض ماديته وروح تبحث لها عن مكان فى هذا الواقع .
ما أفكر فيه الآن هو الآلية التى نصل بها إلى " الثبات المرن " باعتباره أفضل الحلول الممكنة.. لانه تبقى هناك دائما إشكالية التطبيق ... والسؤال بعد ذلك ,, كيف نصنع هذه " المرجعية الثابتة " ,, ومن أين نضمن أن لا تصل بنا إلى الجمود ؟؟ ,, انا حقيقة لم أصل إلى جواب شافى .. وكالعادة .. مازلت أفكر :)

Sunday, October 4, 2009

فاطمة و يوسف ...


يتلفت يمينا ويسارا بوجهه الملائكى ,, ينظر إلى ما حوله بعينين شاردتين تملؤهما الدهشة ...
يعود فينظر إلى وجه من تحمله , يطمئن قليلا ثم لا يلبث أن يعود إلى اضطرابه من هذه الوجوه المصطفة على مد البصر , فيبكى وكأنه يستغيث بأمه أن تبعد عنه نظراتهم ... لكنها تهدهده فليس باستطاعتها فعل ذلك ...
يستمر الطفل فى البكاء لايوقفه ملاطفة رجل بجانبه يقولون أنه رئيس الوزراء !! ...
يوسف لايعرف ماذا تعنى هذه الكلمة , فقاموسه لايحمل هذه التوصيفات , فالطفل له مفرداته الخاصة ...
يعرف جيدا معنى " محقق .. ضابط .. عسكرى " ,, يفهم دلالات " نيابة وإدعاء وقضاة "
والأهم والأكثر فخرا أنه عالم بدقائق أمور زنزانته .. والتى كانت إلى عهد قريب بيته الصغير ...
يألف جدرانها , ليس لأنها الشىء الوحيد الذى يراه دوما ولكن لأنه يظن أن الحياة بكل معانيها مختصرة فى حجارتها يحمل كل حجر معنى مختلف من معانى الحياة الكثيرة ...
يعاود النظر إلى أمه فاطمة , هذه المرة تحمل نظرته كل معانى العتاب الرقيق ...
لماذا يا أمى أتيتى بى إلى هذا العالم الصاخب ؟! .. ألم يكن بيتنا الصغير أكثر هدوءا .. صحيح كنتى تبكين فيه كثيرا وذلك عندما تعودين مع هذا العسكرى المكفهر الوجه من غرفة أسمعهم يقولون عنها " غرفة التحقيقات " ..
لكنى كنت أنجح فى إعادة ابتسامتك ... ألم أنجح يا أمى ؟!!

تذكرين يوم أن عدتى والدموع ملء عينيك , فحاولت كفكفتها بكفى الصغيرتين ,, ألم تجيبى محاولاتى ببسمة ارتسمت على وجهك باستحياء تحاول مغالبة الدموع ... فعرفت أن أمى مازالت بخير ... قادرة على هزيمة دموعها ....
كان يوسف لا يدرك معنى وجود كل هؤلاء الناس فجأة .. أين كانوا قبل ذلك ... أيخلق الله البشر هكذا ,, فجأة ؟؟!! ...
لم تجبه أمه فقد كانت مشغولة بإلقاء كلمتها على مجامع غفيرة جاءت لترى فاطمة وابنها يوسف ..
حاول الولد الانشغال بالنظر إلى اعلى .. يمسك بأمه ,, يحاول أن يسألها عن هذا البساط الأزرق الذى فى الأعلى .. لكن لغته لا تسعفه ..
يظل يفكر .. أين سقف الحجارة ؟؟ .. ما كل هذا الضوء الآتى من ذلك القرص الذهبى .. هناك فى بيتنا القديم كان الضوء يأتينا من شباك حديدى .. وهنا فى هذا العالم الجديد يأتيهم الضوء من قرص ذهبى ... سبحان الله !!
انتبهت الأم لطفلها وأدركت أنّ عليها إفهامه ملامح هذا العالم الجديد ...
عليه أن يعرف أن هناك سماءا وأرضا , والاثنان ملك لخالقهما ...
وأن من البشر يوجد غيرها .. توجد الخالة والعمة والجدة والجد .... ويوجد الأب
عليه _بصعوبة_ أن يدرك أنا ما كان يحمله الجندى على ظهره فى الزنزانة لم يكن لعبة ... وإنما رشاشا يمكن أن يصوبه ذات يوم تجاه رأسك وقلبى ..
وأخيرا .. يا يوسف عليك أن تتعلم أن هؤلاء الملايين الذين ينظرون إليك كانوا قد نظروا إلى الأقصى قبلك ولم يتحركوا ..
أما هؤلاء المصطفون بجوارك , فهم الوحيدون الذين تحركوا من أجل أن ينظر الآخرين نظرة الفرح تلك .. فعليك ردّ الجميل والاحتفاء بهم ..
لا .. لا يابنى لايكون الردّ هكذا ,, فهؤلاء لاتكفيهم الابتسامة ولا ينتظرون منك كلمات الشكر والثناء .. فهى لاترضى طموحهم ..هم يريدون فعلا من جنس فعلهم .. حركة كحركتهم
حتى إذا ما دارت الأيام واكتفى هؤلاء الملايين بنظرتهم المعهودة ,, تقف أنت هنا وبجوارك طفل يبكى على ذراع أمه متسائلا ... من أين جاء كل هؤلاء البشر ؟؟!!

Thursday, September 3, 2009

وشاحات سوداء ...

لا أحب الحديث عنه مطلقا , فليس هناك شىء أقدر على الإخلال بتوازنى وإرباك تفكيرى لفترة ليست بالقصيرة مثله ..
لا يضاهيه فى ذلك سوى " المساحات الرمادية " , لكنه ربما يتفوق عليها بأنه النهاية, فلا بداية بعده ولا مجال للرجعة عنه ,
فالأمر ليس بأيدينا .. حقا ليس بأيدينا .. هذه هى الحقيقة الثابتة كونيا .. أننا لانملك من أمره شيئا ..
لحظة وأخرى ويكون الحال غير الحال , والمآل هنا غير معلوم إلا عند مسببه .. فهو عنده فقط معروف ومعلوم ومقدور .. وما كل تلك السنون والأحداث والمواقف والكلمات بكل ما فيهم من تشابكات وتعقيدات .. بمعنى آخر .. ما كل تلك الحياة سوى سبب ... سبب للموت
نحب أو نكره .. نفرح أو نحزن .. نتألم أو نسعد .. لن يضيرنا من هذا شىء ولن يفيدنا من هذا شىء .. عند اللحظة التى يتساوى فيها كل شىء ..
فلا يتجه النظر إلى ماضى , ولا يتطلع إلى مستقبل , ولا يتوقف عند حاضر .. فقط يحدق النظر إلى أعلى ... إلى خالق تعلقت به كل الأسباب ..

ما جدّ وجعلنى أواجه _ على استحياء _ التفكير فى أمر الموت كانت تلك الصورة لرئيس المكتب السياسى لحركة حماس خالد مشعل " أحببت ان اكتبه بتوصيفه لتعرفوا ماذا أريد أن اقول" ..

صورته وهو يبكى والده محاولا إخفاء دموعه ...
مرّت علىّ صوره وهو يجابه أعتى أقوياء العالم ... العالم كله ... وها هو ذا يجابه الموت بالدموع ... أحقا يبكى الموت الرجال !!
كان ألم الفراق أقوى من آلام الرصاص , ومشهد الجنازة أكثر رهبة من مشهد الدبابة والإف16 والكلاشينكوف ..
ببساطة خرج الأمر من يد صاحب الرسالة .. إلى صاحب القلب .. فبدا إنسانا طبيعيا
واكتملت المفارقة القدرية بخبر وفاة " عمة أبى " بعد صراع مع المرض نحسبه غفرانا لها ياارب ...
تبدو لى فى هذه اللحظة فكرة _ قد تكون أنانية بعض الشىء _ لكنها تعنينى إلى حد كبير , تعنى بشخصى كونى أخاف الفراق دائما ..
أشعر هنا أن من رحل عن الحياة قد فارقها فلم تعد يعنيه من أمرها شيئا ألما ام فرحا , بينما الألم الحقيقى يكون من نصيب من أحبوه ...
هم من تعنيهم الحياة بشكل أو بآخر .. يعنيهم أن يكون معهم يشاركهم لحظاتهم فرحا كانت او حزنا .. يسعدهم أن يجدوه معهم .. تنشد قلوبهم أن تجد وجهه بين تلك الوجوه المحيطة بهم .. بل ربما يكون هو الوجه الأهم ... لكن مشيئة الأقدار نافذة .. ولهذا حكمة خفية بالطبع ...

بكل تأكيد تسير الحياة ,فهى لاتتوقف بحال من الأحوال , وليس هناك أهون عليها من حياة بشر , فالبشر كثر وهم قد أتوا اصلا ... ليرحلوا ونتأقلم وتبدو الحياة طبيعية .. أقول هذا عن ثقة .. بل عن تجربة ...
فقد وهمت للحظات أن الحياة توقفت لموت " جدى " , لكنها سارت وبشكل أسرع مما توقعت , لكنى مازلت فى شوق إلى " جدو " .. مازلت أتذكره فى أهم مناسباتى ..

أتفهم كم كان حكيمى وذلك عندما استدعى كلمات قالها لى , أو أخبرتنى بها أمى على لسانه .. لم أنسى مواقفه معى وأحسبنى لن أنساها , لأنها غرست مالا يمكن اقتلاعه بداخلى .. خلقت كيانا ورسمت ملامح لو عادت إلى أصلها ستعود إلى " جدو " بطريق مباشر أو غير مباشر ..!!
وهنا ننتبه إلى أنه كلما مرت بنا السنون واصقلتنا التجارب , أدركنا جلّ قدر من رحلوا عنا , ورجاحة عقلهم .. أيضا أدركنا حاجتنا إليهم ... وكلما ازددنا .. ازدادوا قدرا فى نفوسنا
فنتذكرهم طيفا جميلا ... ونبتسم مستدعين من ذاكرتنا الضعيفة ما يسعف مواقفنا .. لنبتسم ثانية لكنها هذه المرة ابتسامة " وداع " داعين لهم بالرحمة وأن يجازوا عنا خير الجزاء

Friday, July 17, 2009

هى ...


أخاف كثيرا عليها , تنجح فى استفزاز مسؤليتى تجاهها بأفكارها المجنونة .... هى تنوى , لكنها لا تفعل فى كثير من

الأحيان , يعود الفضل فى هذا لى , فبقدر من التروى والتؤدة وبعض من الأقناع تعزف عن تلك الأفعال ... لكن النوايا

بداخلها تبقى موجودة , ربما هذا سر لمعة عينيها إلى الآن !!

فبعض الجنون هو الحياة بذاتها , عالم اللامسؤلية أو إن شئت هو عالم المسؤلية كلها ... مسؤلية الجنون

جنونها هذا هو ما دفعها يوما أن تطلب من أبيها " شوية مخدرات " وذلك بعد أن شاهدت برنا مجا تلفزيونيا يتحدث عن

شىء غريب يسمى " مخدرات "

كانت تدرك أنها شيئا سيئا , لكنها أرادت أن تعرف " ماهية " سؤه بنفسها


وعلى الرغم من حداثة سنها حينها إلا أنها _ وكعادتها _ طلبت من أبيها أن يحقق لها رغبتها العبقرية فى اكتشاف سر

الأشياء .. تماما كما يسعى الطفل إلى لمس النار , هو يعرف أنها حارقة , لكنه يريد أن يثبت لذاته والآخرين أنه قادر

على التعرف على العالم والحكم عليه بنفسه .... ونفسه فقط

, لم تستطع خيبات الأمل التى تتلقاها واحدة تلو الأخرى أن تثنيها عن نواياها , ترى فى تلك النوايا براءة اختراع ....

اختراع حياتها
,
فهى وبنظرة فلسفية عميقة تؤمن أن حياة الأفراد لابد أن تكون اختراعا من صنعهم , بحيث تحمل إبداعهم الخاص لتكون

فى النهاية جزءا من منظومة " الكون "

تبدو بهذه النظرة كطفل يرتدى جلباب أبيه فلا يظهر منه سور رأس صغير وقدم تحاول المشى يعيقها طول الجلباب...

لكنها مازالت تحاول

وعلى الرغم من الجلباب الكبير , هى تكره " عالم الكبار " على الرغم من استمتاعها بتواجدها فيه , ربما لأنها تراه عالم

خالى من براءة جنون نواياها , أو ربما لأن جنونه أكبر من أن يتحمله عقلها ومن قبل قلبها ...

لا أعرف لكنى كثيرا ما حدثتها عن وجوب التأقلم معه ..... لأنه " الواقع "

هى بالمناسبة تكره كلمة " الواقع " مازالت تحتفظ بحماسة المحارب وأمله فى قلب موازين المعركة ..

ترى أن معركتها مع الواقع غير قابلة للخسارة وبالتالى فهو عدو , من الخيانة التعايش معه على سؤه ,,,, لذا فالحل فى

إبادته أو تغييره كما تريد

أحسدها أحيانا على تلك الحماسة .. وفى أحيان كثيرة أشفق عليها من ثقل ما تحمله , لكن يعزينى أنها " فرحة " بذلك

الحمل .. ربما هى فرحة المستزيد يعطايا الملك , لا يعلم أنها سيوفا لمعركة حامية الوطيس أوكله فيها عن نفسه ..

" اعترف أننى أحبها كثيرا , وفى بعض الأحيان أوثر " جنون أفكارها " على "نداءات عقلى , فهى تخاطب شيئا ما

داخلى

.. لا أعرف ما هو تحديدا , لكنه يكسر رتم العقلانية المملة

أراهن على بقاء صداقتنا وتناغمها , فهذا يحقق لى ولها التوازن المطلوب , اشعر بأن هذا يعطينا نوعا من التكامل , فهى

تملأ "فراغا " ما داخلى , وأنا أحوط " امتلاءا " ما داخلها
,حتى أننى عندما أنظر إلى صورتنا معا أشعر أن وجوهنا تتقاسم الملامح ذاتها !!!

ولهذا أبدو دوما قلقة عليها وعلى صداقتنا , لكنها وفى كل مناسبة تطمئننى أنها ستظل معى ولن تتخلى عن نصيبها فيا أبد

فوجودنا معا يعنى حياتنا ... معا

دمتم بكل خير

Tuesday, June 23, 2009

سور الشجرة ...


رجل كبير على وجهه ترتسم ملامح الزمن بكل تفاصيله , وفى عينيه ترى لمعة هى نور بصيرة يلحظها كل من يراه ... وإن كان للمرة الأولى

, أما خطوط الجبين فهى تبين بما لايدع مجالا للشك أنها تكونت بالتجارب والخبرات , تحمل حكمة لا تخفى على أحد ,, تقول بلغة لا يفهمها كثيرون .. أنا علامة حياة هلا أستفدتم منها !!

أراد الرجل الكبير أن يغرس "بذرة " تركها له آباؤه وأوكلوا له مهمة غرسها .

.اختار الرجل لبذرته التربة الصالحة والفأس الأقوى ومن قبلهما شحذ همته واستوثق من قوته , وقرر أن يكون زارعا لامنتظرا لحصاد !
ظل يحفر ويحفر ... الأمر بدأ يطول .. يبدو أن الأرض كانت تقاوم , فهى ربما تخشى من أن تتحمل نبتة لاتعلم متى ولا كيف ستكون ؟؟!
الغرس أيضا أخذ جهدا , فالرجل الكبير كان يريد أن يصل إلى أعمق أعماق الأرض , فهو على كبره كالطفل يخاف على حلمه , كما أنه حكيم يعلم تماما أن البذرة يجب أن تكون عميقة , لأنه وبكل تأكيد سيأتى من يحاول اقتلاعها ..


نجح أخيرا فى غرس بذرته ,,, ظل يردم طويلا فى التربة ويسوى فيها ويعدل من هنا وهناك .. فهو قلق على بذرته ... يعلم أن مثل هذه البذرة يجب أن يكون لها أعداؤها

ظل يرويها يوما بعد يوم بروية وحنان أبوة ,, اختار الطريقة الأصعب فى الرى , كما اختار من قبل الطريقة الأصعب فى الغرس لأنه كان يرى أنه على قدر المشقة تقوى النبتة

وهو يريد نبتته قوية ,,, قوية جداا فهى نتاج حياته بكل ما فيها من آلام وآمال , وخبرات ونجاحات بلحظات السعادة والشقاء والفرح والألم .. فيها تجارب السنون ونواميس الكون وفطرة الخلق كلها ..,

البذرة أيضا فيها حلمه ومستقلبه المنشود فيما وراء الزمن .. يرى فيها ملامح أبنائه وضحكات أحفاده وسعادة من رحلوا قبله وتركوا له مهمة الغرس

ظهر البرعم الأخضر أخيرا ... يذكر التاريخ هنا أنه من المفارقات أن كان موعد حياة البذرة هو نفسه موعد موت زارعها ... مهمته قد انتهت إلى هنا !!

وكان قبل موته قد أوصى أبناؤه برعاية البذرة , لكنه غفل عن أن يعلمهم كيف يرعوها .. انشغل كثيرا بإحكام الغرس فى التربة وتناسى غرس البشر !!..

عوّل على أن الرعاية أسهل من الغرس .. إذن هو ترك لهم المهمة الأسهل .. لا يستدعى هذا بذل مجهودا أكبر

هم أيضا لم يحاولوا أن يسألوه .. تركوه يغرس وظنوا أن بإمكانهم إستدعاء الخبرة من الأجهزة الحديثة !

وكما ظن ظنوا وكما لم يعطى لم يسألوا ..

لكن التاريخ يسأل عن شجرة كبيرة تمتد فروعها فى كل الأرجاء وتضرب بجذورها أعماق الأرض وتكاد أن تصل إلى عنان السماء بطولها , لكنها دوما معرضة لخطر الاقتلاع ,,
ذلك لأن الرجل الكبير لم يسورها بما يحميها , ولم يعلّم أبناؤه كيف يحموها , ويبدو أن الأحفاد جاءوا فنسوا تماما أمر السور وتركوا الشجرة فى مهب الريح .. اعتنوا كثيرا بالفروع فى حين غفلوا عن الجذر

صحيح أن الجذر قوى, يكفى أن على أكتافه استطاعت الشجرة أن تصمد كل هذه الفترة ... لكن الشجرة الآن أصبحت أكبر من أن تعتمد على قوة الماضى .... تحتاج إلى سور يحميها ؟!!

ما أفكر فيه الآن .... ما هو السور الأنسب ,, ما هو شكل درع الحماية الأصلح ...هل هى التربية .. التنظيم اللامركزى ... فصل الدعوى عن السياسى ..أم ... ,,
حقيقة لاأعرف فأنا مازلت أفكر ؟؟ وزهقت من كتر التفكير :(

Tuesday, April 14, 2009

رمانة الميزان


مساواة ... تفتقد إلى العدالة

لم تقنعنى يوما دعاوى المساواة التى تتبناها مؤسسات المجتمع الغربى وتطالبنا بتطبيقها ولم تكن الرؤية الأمريكية تجاه المرأة ودورها فى المجتمع ترضينى , حتى أنى لاأجد فيها نموذجا يحتذى

لكنه و بالوقت ذاته كان يقلقنى وضع المرأة فى مجتمعنا إلى حد كبير فهو وضع منقوص يفتقد إلى العدالة فى التعاطى مع إنسان خلقه الله ليستخلف فى الأرض , فلا ينتقص من قدرها كونها من أصحاب نون النسوة

ودائما ما شغلنى سؤال يتزايد إلحاحه يوما بعد يوم .. هل المرأة بحاجة إلى المساواة أم بحاجة إلى العدالة ؟

المرأة فى مجتمعاتنا مظلومة ولا شك ,نتعامل معها بنظرية "القرطاس " نبدى من واجباتها أكثر مما ننعطيها من حقوق ,

و المشكلة ليست فى الحقوق والواجبات بذاتها وإنما فيما يترتب علي ذلك من ثقافة تضع المرأة دائما فى خانة المساءلة , يظهر هذا جليا فى نظرتنا للمطلقة والأرملة و"العانس " فى حين أننا إذا حذفنا "تاء التأنيث " نجد النظرة اختلفت تماما , بل إلى النقيض


لكن الظلم لايجبر بالمساواة الكمية التى عبر عنها العقاد بقوله "مساواة الميزان " تلك المساواة التى لاتراعى فروقا خلقها الله وإنما تضع فى أعتباراتها أمورا مادية لاتحفظ حقا وإنما تزيد عبئا

قد تبدو المساواة بمعناها المعروف من المماثلة فى الحقوق والواجبات شعارا رائعا ,وطموحا يبتغى , لكنها ليست حلا مجديا

أعتقد أن المرأة ليست بحاجة إلى المساواة مع الرجل ,وإنما بحاجة إلى العدالة من مجتمع أفقدها الأمان بسلب حقوق لم يعطها إلى الرجل حقوقا زائدة كما يتخيل البعض وإنما أعطاها لنفسه , فمن سلب المرأة حقوقها "المرأة والرجل " معا وليس الرجل فقط,

تنازلت هى حينا واستمرأ هو هذا التنازل حينا آخر , فكان النتاج مجتمعا يظلم نفسه بظلم المرأة

تحتاج إلى العدالة بمفهومها الصحيح الذى يحترم الحقوق من حيث كونها حقوق لامن حيث لمن تعطى

العدالة التى تجعل المرأة والرجل أمام المجتمع سواء , بحيث تتحمل من المسؤلية ما يتناسب مع طاقتها , وهى فى ذلك مصونة من الوقوع تحت وطأة رجل لايقدر دورها , لأن هناك مجتمعا يحترمها

المرأة تحتاج إلى النظر إليها بمفاهيم أخرى غير "فتنة وعورة وضلع أعوج " تحتاج أن تكون "إنسانة ,, وطاقة بناء ,, ومشروع إبداع ,, " لم تسأم هى دور "الأم والأخت والزوجة " لكنها تريد أيضا دور المجاهدة كنسيبة , والطبيبة كروفيدة , والمعلمة كعائشة

إنها تريد ببساطة أن تشارك فى صنع التاريخ بوجوهه المختلفة التى تقدر دور المرأة داخل وخارج أطر منزلها


لكنى لا اعتقد أن تلك العدالة المنشودة تأتى من خلال قوانين "سلطوية " تعطى المرأة حقوقا قانونية تحتاج إلى دعاوى قضائية لأخذها , وإنما تحتاج إلى ثقافة تتغير وأفكار تصحح , من خلال المؤسسات التعليمية والإعلامية , بحيث نبدأ التصحيح من خلال عالم الأفكار الذى ينتج سلوكيات المجتمع ,,, وهذا يحتاج إلى جهود متكاتفة لنعود إلى ميزان التفضيل الأول ... التقوى
* نشرت هذه المقالة بكتاب "أنا أنثى "

Wednesday, March 18, 2009

شكر

لا أعرف لماذا آثرت أن أضعها هنا أول ما قرأتها ,لكن وجدتها رسالة شكر تليق بهذا المكان .................
ربما هى اعتذار أكثر منها شكر.......اليها واليكم
والى كل من كانوا يوما سببا فى ابتسامة أو دمعة ........لن يفرق كثيرا
ففى كل الأحوال تعلمت..........تعلمت أن الحياة مجرد مرحلة ........لا تستحق أن نتوقف عند أحداثها كثيرا
اهداء تانى على جنب~~~~~~~~
لها~~لمن أرهقتها وأرهقتنى ووجدت معها معنى الصداقة
للأستاذة والمفكرة والأديبة والمتبحرة~~~~~~~~~ساررورتى
شكر
محبتكم أيها الأهل طير يحط على كتفى,هكذا كالهدية من لا مكان
يباركنى, وأراقب نفسى لكى لا يخاف,أريد له أن يظل هناك
فقد علم الله كم طار حتى أتانى , وكم فى الطريق نجا من هلاك
رعى الله مستأمنا ليس يدرى الى أى حد اذا زار يهدى الى الأمان
لكم منى الشكر ألفا
فان المحب لدينا,اذا ما استطاع المحبة ,رغم المهالك شخص كريم
وان الحياة الطبيعية اليوم أمر عظيم
وان حياتى لتشعرنى أننى مذنب فى الصباح وتشعرنى أننى بطل فى المساء
فقد مر يومى كمجموعة كلفت باغتيالى ولم ترنى ,مر وقع خطاهم على شارع,لحظة, وانحسر
أهنئ نفسى فقد مر يومى ,وما زلت بعض البشر
يقاتلنا الدهرعن صحة الروح فينا ,ويدفعنا للفساد
وللحب فى زمنى صفة من صفات الجهاد
ألست ترانا نقاتل حين نخط قلوب المحبين فوق الجدر
ونقتل حتى تتم الصور !!!
فيا أمة للهوى والعناد
لكم منى الشكر ألف
وشكرى لكم أن أظل كما كنت حتى أموت بقلب سليم
وأنى أجيب اذا سألونى ,قبيل ملاقاة رب رحيم
وعيناى فى أعين القوم يا أخوتى,واثقا, راضيا لا أغض البصر
أنا ابنة فكرة اسلامية
بلادىفلسطين
واسمى زهراء
شعر..تميم البرغوثى

 
Designed by Lena Graphics by Elie Lash