فى واقعة تتكرر كل يوم ,حتى صارت من مظاهر حياتنا اليومية ,تشاجر سائق ميكروباص مع راكب على الأجرة
الراكب رفض أن يدفع الأجرة بعد أن قرر النزول من الميكروباص فى منتصف الطريق ,
لأن وجهته غير وجهة السائق وبالطبع لم يقبل السائق أن يضيع عليه أجرة فرد
ظل السائق والراكب يتجاذبان الخناق داخل الميكروباص ,حتى وجدنا السائق يهدأ الميكروباص ويركن على جانب الطريق , ويطلب من الراكب النزول
وبالفعل نزل الراكب
ومن شد وجذب بالكلام, تطور الوضع إلى تشابك بالأيدى
أجزم أنه لا السائق ولا الراكب الرافض ولاحتى باقى الركاب قد لاحظوا أن كل ذلك يحدث أمام" كمين "على بعد أمتار من "كارتة "
, لأنه لو أن أحدا من هؤلاء قد لاحظ ذلك لكان السائق تنازل عن الأجرة , أو دفع الراكب الأجرة كاملة متكاملة , أوتطوع أحد الركاب بالدفع تفاديا لما هو متوقع
لكن لأن أحدا لم ينتبه ,فقد حدث ما هو متوقع!!!
وجدنا ظابط بزى مدنى ومخبر جاءوا إلى مكان وقوف الميكروباص, واستاقا السائق والراكب إلى الناحية الأخرى من الطريق متجهين إلى "مكتب الباشا" , وكما هو معتاد كانت أمطار الشتائم تنهال عليهما
إلى الآن يبدو الأمر معتادا ,حتى وجدنا "المخبر" يضرب السائق بعنف , استخدم يده ورجله فى الضرب ,
فضلا عن طريقة إمساكه بالسائق من "قفاه" بطريقة لاتليق ببنى آدمين,ذاهبا به إلى "مكتب الباشا"
هذا كله دون أن يعلم ماذا حدث ؟ ومن المخطىء؟
إذا اعتبرنا أن "المخبر "من حقه أن يتعدى على المخطىء
لن أتحدث عن مسالمة السائق لمايحدث ,أو عن صلاحية المخبرأن يفعل ذلك فى حضور "الباشا "
سأتحدث عن ماقاله أحد "العساكر" الواقفين فى الكمين,
قال العسكرى:"يعنى مكنش عارف يتخانق معاه بعيد ,جاى يقف جنب الكارتة والباشا موجود ويتخانق "
يعنى...كل ما حدث من ضرب السائق والراكب وتهزىء بعض الراكبين الذين ذهبوا "للباشا " يستعطفونه أن يترك السائق لكى لايتأخروا عن مصالحهم,
كل هذا ليس إلا عقابا لهم على عدم إحترامهم "الباشا
أفهم أنه كى نصحح وضع فإننا نبحث عن الأسباب ونعاقب المخطىء فى ظل قانون يعطى الجميع فرصا متساوية
وذلك ما يحدث فى البلاد المحترمة, ,
فالقانون ليس فقط وسيلة للحكم على الأفراد وتقويم المجتمع
وإنما يعبر استخدامه بشكل أو بآخر عن ثقافة هذا المجتمع ومدى تحضره
الإجراءات القانونية فى مثل هذه الحالات, لاتعبر فقط عن أشكال إدارية تلتزم بها الدولة والمواطنين على حد سواء
وإنما تعبر بشكل رئيسى عن مدى احترام نظام الدولة لمواطنيها, واحترام المواطنين لمؤسسات الدولة
مما يعطينا فى النهاية مجتمع مدنى حر وشريف يحرص أفراده على الإلتزام بقواعد القانون
ونظام حكم شرعى يحترم هؤلاء الأفراد الذين أتوا به إلى سدة الحكم عبر القانون
أما هذه الطريقة من سب وضرب وإهانة لمواطنين ذنبهم الوحيد أنهم ليسوا من مالكى السيارات"الفارهة", تدل على أن الهدف مما حدث ليس معالجة الوضع وإنما تعويد هذا الشعب على "إحترام الباشا"
لنجد فى النهاية السائق الراضى بضرب المخبر,, وسلبية الراكبين الذين ظلوا فى أماكنهم يشاهدون من بعيد
بعضهم غضب لما حدث ,, والبعض الآخر تابع بهدوء
وكما لم يلتزم "الباشا " بالقانون, سيتحايل المواطن على القانون أيضا بشتى الطرق والوسائل
ولنبقى 27 عاما أخرى فى انتظار التغيير
:::::::::::::::::