Monday, November 30, 2009

آلاء .. عالمى الصغير

دائرة كبيرة هى عالمنا وعالم من حولنا , بالتزاماته واعتباراته ... ومميزاته أيضا , فنحن لن نغفلها إذا كنا نبحث عن إنصاف
تأخذنا الدائرة أحيانا إلى حيث تريد وفى سط دوامتها نفقد جزءا من جنون المثالية .. براءة الحلم .. حماسة المحارب . والأهم أننا ربما نفقد صدق المعنى , فلا تعد تلك الأماكن كما كانت سابقا , ولا هؤلاء الأشخاص ولا تلك الضحكات ولا كل ما كنا نرتبط به صغارا فيصنع فرحة صافية لا يكدرها رمادية دائرة الحياة ,
ونجدنا داخل حلقة رتيبة من الاعتيادية المملة , وننظر فنجد مركز الدائرة أصبح بعيييدا ... وننتبه حينها أننا لابد وأن نعود ...
هى وحدها من يمكنها أن تعيدنى إلى مركز دائرتى , بل والأكثر أنها وبدون تكلف تستطيع أن تعيد الروح إلى خطوط الدائرة الكبيرة , لتتبدل ألوان الحياة وتبدو متناسقة ومتكيفة مع جميع درجات " الرمادى " الموجودة بالكون
هى آلاء .... عالمى الصغير
هى من هؤلاء الذين إذا نظرت إليهم اطمأننت أن " الدنيا لسه بخير " , تحتفظ عيونها برونالصدق والبراءة , فتخلق عالما فريدا يدخله كل من يراها شاء أم
لها تفاصيلها المختلفة ويمكننا أن نقول انها من تصنع هذا الاختلاف , آلاء هى من تحكى لى قصة " الأرنب بسام " تصمم على هذا وكأنها تريد أن تكسر قاعدة أن الكبار هم من يحكون و بطبيعة الحال اجدنى استسلمت لقاعدتها , فليس هناك أجمل من ان تستمع إلى آلاء وهى تعطى نصائحها بالالتزام ببر الوالدين ... وتختم قصتها قائلة " استفدتى إيه بقى ؟ "
لهذا , هى لاتقبل أن تكون هامشا تصر دائما على أن تكون المحور , لذا فعقابها يكون قاسيا إذا ما وجدتنى لا انتبه لحديثها ,لأن لدّى ما هو أهم من حكايات استاذ الحساب ومحفظ القرءان ومشاكل ديسك المدرسة , فتقرر حرمانى من تشريفها لى بمشاركتها همومها , وتعلن غضبها بقرار حاسم " مش هحكيلك تانى عشان انتى مش بتبصيلى وانا بتكلم " لا أملك حينها سوى أن احتضنها معتذرة لها عما بدر منى من سوء أدب لا يليق بحديثها المهم !!
وكجزء من تفاصيل عالمها المختلف , آلاء لها طريقتها فى التعبير عن مشاعرها لاتستقبلنى بعد عودتى من الكلية بقولها " وحشتينى " وإنما بتساؤل " وحشتك ؟" وكأنها تريد أن تقول لى أنها تفتقدنى بطريقة أخرى , تعبر عنها عندما تأخذنى من يدى إلى الداخل لتخبر أمى وأبى وجميع من بالبيت وربما البيوت المجاورة أنى قد عدت لتوى من السفر ,,
تخبرنى أنها قد " اختزنت " الكلام كله طوال أيام دراستى لتقوله لى ... واشعر أنها " اختزلت " العالم كله فى كلماتها , التى غالبا لا ننهيها على وعد بإكمالها المرة القادمة لأن أيام أجازتى قد انتهت
بهذا قد أوصلت رسالتها ... لكن أيضا بطريقتها !!
يبدو هذا جليا فى ثقتها أننى أحبها ... ليس لشىء إلا لأنها تحبنى والحب يوجب الحب ترى فى هذا متلازمة واجبة الحدوث كسبب ونتيجة , و لا اعرف حقيقة إن كانت ستسمر على قناعتها هذه مستقبلا أم لا ؟؟!!
وبالمقابل آلاء ليست بالطفلة الساذجة , فهى تعى معنى غزة والأقصى ترى فى " حصّالتها " مدخلا لتحرير القدس , لها آرائها المسبقة عن كل شىء والتى لا يمكن لأحد أن يثنيها عن قولها , فتبدى رأيها فى أى مجلس كان فيه من كان وبأريحية شديدة وكأنها بحثت وتعمقت حتى وصلت إلى هذا الرأى الذى لابد وأن يبهر الجميع , ليس لأنه مميز فى ذاته , لكن لأنه صدر عن آلاء بطريقة آلاء وبكلمات آلاء فكان له طابعه المبهر تماما كعقلها الصغير
لم أنسى يوم أن اخبرتنى أن اهم ما تعلمته من " الصلاة " أنها " تبقى شجاعة ومتتكسفش انها تعتذر إذا أخطأت " هذا الذى كان سابقا من المستحيلات عندها ... فآلاء لا تعتذر بحال من الأحوال ... هى لخصت معنى قوله تعالى " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " بهكذا فهم , ربما لايوجد عند كثير من " الكبار "
وآلاء مازالت تحتفظ بكبرياءها , فدموعها لا يمكن أن يراها أحد تغالبها فلا تستطيع, فتهرب من الجميع , ربما لتعاقب نفسها على أنها سمحت لعيونها أن تخونها وتظهر " بعضا " من ضعفها , لأنها تجيد لعب دور " القوية " وفى السياق نفسه هى " تكره " النفاق و لاتعرف معناه , تحب من تحب وتكره من تكره وهى لاتعرف لذلك سببا ... فقط يوجهها صدق إحساسها !!
ببساطة ما يميز آلاء حقا أنها تغرد خارج السرب تأبى أن تدخل الإطار تعيش خارج حدود الزمان والمكان محتفظة بما تؤمن به وفقط ... لا يمكنها بحال من الأحوال أن تكون من أطفال " ما بعد الحداثة " وكذلك عالمها بطبيعة الحال , تصنع هى تفاصيلها غير مبالية بما هو خارج عالمها
يبدو هذا واضحا فى اختيارها لتسريحة " القطتين " وذوقها فى اختيار ملابسها , فآلاء مازالت تصر على "الجوب " المنفوش , ولا تحب " الجينز " ولا العاب الكنبيوتر , ترى فيهم مالا يليق بطفولتها ... فآلاء لايثير فضولها كثيرا عالم الصغار بملامحه الحداثية المشوهة ,, وهى فى اختياراتها هذه لايضيرها من حولها فهى تشعر بتميزها واختلافها فلا يحق لأحد أن يدخلها حلبة المقارنة مع من سواها ... آلاء تحب عالمها وتجبر الجميع أن يدخله ولو للحظات فى حضرتها .. فتكون بحق ... لحظات إلهام

Friday, November 13, 2009

بصمة روح ..


نحن نتغير .. شئنا أم أبينا .. نفعل ذلك بصمت .. تلك هى الحقيقة التى نهرب منها دائما ...
ظلت هذه الفكرة تراودنى بشكل غريب وتتلاحق معانيها فيا على نحو يشبه المحاصرة ,, ففكرة "التغيير" لاتروقنى بحال من الأحوال , بل يمكننى القول أنها مخيفة على نحو ما توقعه فى نفسى من معنى سلبى ,
فالتغير مرتبط عندى على المستوى الانسانى بمعانى فى معظمها متحول من الإيجابى إلى السلبى ..
ربما يأخذ كلامى على محمل من الغرابة , لكن ثمة كلمات فى حياتنا لا تأخذ معانيها من معاجم اللغة وإنما مما توقعه داخلنا من أثر , وما يحتفظ به عقلنا الباطن من تجارب وخبرات وأحاسيس , لذا فإنى عندما أتحدث عن خوف من " التغيير " فأنا أقصد معناه فى نفسى وليس بالضرورة ما يوحيه اللفظ من دلالة ترتبط بقواعد اللغة أكثر مما ترتبط بقواعد النفس البشرية التى لها دائما قواعدها وقوانينها الخاصة .
يرجع خوفى لقناعتى بأن لكل منا " بصمة روحه " التى تختص به ولا تختص بأحد غيره و تكون عنوان توازنه واتزانه بحيث يكون فى المساس بها تهديدا لاستقرار أنفسنا التى نظلمها معنا كثيرا
هذه " البصمة " هلامية لا يمكن تحديدها بصفة معينة أو معنى واضح , وهنا وجه الخطورة , أننا فى وسط " التغيير " لا نستطيع حمايتها , لأن أول الحماية معرفة ما نحميه على وجه الدقة ونحن هنا لانعرفه اصلا .. هو فقط معنى نجده فى أنفسنا ونجد أنفسنا من خلاله ,, فإذا ضاع .. تهنا فى عالم من الصخب .. وفقدنا صدق الأشياء من حولنا .. ومن قبل صدق أنفسنا .. !!
بطبيعة الحال ليس كل تغير سيئا, لكنه يحتمل الكثير من المغامرة والمخاطرة , لذا فالرهان هنا محكوم بالنتائج الغير مضمونة ... فيبقى الخوف قائما من أثر التغيير على " بصمة أرواحنا " , التى هى صمام الأمان لكل ما هو فطرى صحيح فى عالمنا .
وبالمقابل فإن بديل " التغيير " ليس " الجمود " بالتأكيد , فطبيعة الحياة تأبى ذلك أصلا , فضلا عن أن قوانينها لا تسمح باستمراره لفترة طويلة , مما قد يؤدى بنا الى "الانعزال" كحل سلبى لواقع مرفوض ,

وإنما اعتقد أننا إذا استطعنا الوصول إلى حالة من " الثبات المرن " على مجموعة من القيم ترتبط بمسلمات صحيحة يتعارف عليها البشر من حيث كونها مسلمات إنسانية ترتبط بثقافة العموم وليس الخواص , فإذا أضيف لها التزامات الخواص كانت أشد تأكيدا من غيرهم ,
ومع هذا الثبات تكون هناك مساحة من المرونة للتكيف مع تغيرات الواقع وتطور الحياة , فإننا بهذا نضمن للروح سلامها وللعقل اتزانه وللنفس طمأنينتها ..
الاهم هنا أن تشكل تلك " المسلمات " " مرجعية " نستند إليها إذا ما أخذتنا دوائر الحياة إلى حيث تريد , لأن هناك حقيقة تقول أن ليس فى يومنا ما يمر مرور الكرام أبدا , كل يترك أثره فينا على نحو ما , فيكون الاعتماد هنا على تلك " المرجعية " أن تضع الامور فى نصابها الصحيح وأن تضمن لنا موازنة جيدة مع واقع يفرض ماديته وروح تبحث لها عن مكان فى هذا الواقع .
ما أفكر فيه الآن هو الآلية التى نصل بها إلى " الثبات المرن " باعتباره أفضل الحلول الممكنة.. لانه تبقى هناك دائما إشكالية التطبيق ... والسؤال بعد ذلك ,, كيف نصنع هذه " المرجعية الثابتة " ,, ومن أين نضمن أن لا تصل بنا إلى الجمود ؟؟ ,, انا حقيقة لم أصل إلى جواب شافى .. وكالعادة .. مازلت أفكر :)

 
Designed by Lena Graphics by Elie Lash