دائرة كبيرة هى عالمنا وعالم من حولنا , بالتزاماته واعتباراته ... ومميزاته أيضا , فنحن لن نغفلها إذا كنا نبحث عن إنصاف
تأخذنا الدائرة أحيانا إلى حيث تريد وفى سط دوامتها نفقد جزءا من جنون المثالية .. براءة الحلم .. حماسة المحارب . والأهم أننا ربما نفقد صدق المعنى , فلا تعد تلك الأماكن كما كانت سابقا , ولا هؤلاء الأشخاص ولا تلك الضحكات ولا كل ما كنا نرتبط به صغارا فيصنع فرحة صافية لا يكدرها رمادية دائرة الحياة ,
ونجدنا داخل حلقة رتيبة من الاعتيادية المملة , وننظر فنجد مركز الدائرة أصبح بعيييدا ... وننتبه حينها أننا لابد وأن نعود ...
هى وحدها من يمكنها أن تعيدنى إلى مركز دائرتى , بل والأكثر أنها وبدون تكلف تستطيع أن تعيد الروح إلى خطوط الدائرة الكبيرة , لتتبدل ألوان الحياة وتبدو متناسقة ومتكيفة مع جميع درجات " الرمادى " الموجودة بالكون

هى من هؤلاء الذين إذا نظرت إليهم اطمأننت أن " الدنيا لسه بخير " , تحتفظ عيونها برونالصدق والبراءة , فتخلق عالما فريدا يدخله كل من يراها شاء أم
لها تفاصيلها المختلفة ويمكننا أن نقول انها من تصنع هذا الاختلاف , آلاء هى من تحكى لى قصة " الأرنب بسام " تصمم على هذا وكأنها تريد أن تكسر قاعدة أن الكبار هم من يحكون و بطبيعة الحال اجدنى استسلمت لقاعدتها , فليس هناك أجمل من ان تستمع إلى آلاء وهى تعطى نصائحها بالالتزام ببر الوالدين ... وتختم قصتها قائلة " استفدتى إيه بقى ؟ "
لهذا , هى لاتقبل أن تكون هامشا تصر دائما على أن تكون المحور , لذا فعقابها يكون قاسيا إذا ما وجدتنى لا انتبه لحديثها ,لأن لدّى ما هو أهم من حكايات استاذ الحساب ومحفظ القرءان ومشاكل ديسك المدرسة , فتقرر حرمانى من تشريفها لى بمشاركتها همومها , وتعلن غضبها بقرار حاسم " مش هحكيلك تانى عشان انتى مش بتبصيلى وانا بتكلم " لا أملك حينها سوى أن احتضنها معتذرة لها عما بدر منى من سوء أدب لا يليق بحديثها المهم !!
وكجزء من تفاصيل عالمها المختلف , آلاء لها طريقتها فى التعبير عن مشاعرها لاتستقبلنى بعد عودتى من الكلية بقولها " وحشتينى " وإنما بتساؤل " وحشتك ؟" وكأنها تريد أن تقول لى أنها تفتقدنى بطريقة أخرى , تعبر عنها عندما تأخذنى من يدى إلى الداخل لتخبر أمى وأبى وجميع من بالبيت وربما البيوت المجاورة أنى قد عدت لتوى من السفر ,,
تخبرنى أنها قد " اختزنت " الكلام كله طوال أيام دراستى لتقوله لى ... واشعر أنها " اختزلت " العالم كله فى كلماتها , التى غالبا لا ننهيها على وعد بإكمالها المرة القادمة لأن أيام أجازتى قد انتهت
بهذا قد أوصلت رسالتها ... لكن أيضا بطريقتها !!
يبدو هذا جليا فى ثقتها أننى أحبها ... ليس لشىء إلا لأنها تحبنى والحب يوجب الحب ترى فى هذا متلازمة واجبة الحدوث كسبب ونتيجة , و لا اعرف حقيقة إن كانت ستسمر على قناعتها هذه مستقبلا أم لا ؟؟!!
وبالمقابل آلاء ليست بالطفلة الساذجة , فهى تعى معنى غزة والأقصى ترى فى " حصّالتها " مدخلا لتحرير القدس , لها آرائها المسبقة عن كل شىء والتى لا يمكن لأحد أن يثنيها عن قولها , فتبدى رأيها فى أى مجلس كان فيه من كان وبأريحية شديدة وكأنها بحثت وتعمقت حتى وصلت إلى هذا الرأى الذى لابد وأن يبهر الجميع , ليس لأنه مميز فى ذاته , لكن لأنه صدر عن آلاء بطريقة آلاء وبكلمات آلاء فكان له طابعه المبهر تماما كعقلها الصغير
لم أنسى يوم أن اخبرتنى أن اهم ما تعلمته من " الصلاة " أنها " تبقى شجاعة ومتتكسفش انها تعتذر إذا أخطأت " هذا الذى كان سابقا من المستحيلات عندها ... فآلاء لا تعتذر بحال من الأحوال ... هى لخصت معنى قوله تعالى " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " بهكذا فهم , ربما لايوجد عند كثير من " الكبار "
وآلاء مازالت تحتفظ بكبرياءها , فدموعها لا يمكن أن يراها أحد تغالبها فلا تستطيع, فتهرب من الجميع , ربما لتعاقب نفسها على أنها سمحت لعيونها أن تخونها وتظهر " بعضا " من ضعفها , لأنها تجيد لعب دور " القوية " وفى السياق نفسه هى " تكره " النفاق و لاتعرف معناه , تحب من تحب وتكره من تكره وهى لاتعرف لذلك سببا ... فقط يوجهها صدق إحساسها !!
ببساطة ما يميز آلاء حقا أنها تغرد خارج السرب تأبى أن تدخل الإطار تعيش خارج حدود الزمان والمكان محتفظة بما تؤمن به وفقط ... لا يمكنها بحال من الأحوال أن تكون من أطفال " ما بعد الحداثة " وكذلك عالمها بطبيعة الحال , تصنع هى تفاصيلها غير مبالية بما هو خارج عالمها
يبدو هذا واضحا فى اختيارها لتسريحة " القطتين " وذوقها فى اختيار ملابسها , فآلاء مازالت تصر على "الجوب " المنفوش , ولا تحب " الجينز " ولا العاب الكنبيوتر , ترى فيهم مالا يليق بطفولتها ... فآلاء لايثير فضولها كثيرا عالم الصغار بملامحه الحداثية المشوهة ,, وهى فى اختياراتها هذه لايضيرها من حولها فهى تشعر بتميزها واختلافها فلا يحق لأحد أن يدخلها حلبة المقارنة مع من سواها ... آلاء تحب عالمها وتجبر الجميع أن يدخله ولو للحظات فى حضرتها .. فتكون بحق ... لحظات إلهام