Tuesday, April 14, 2009

رمانة الميزان


مساواة ... تفتقد إلى العدالة

لم تقنعنى يوما دعاوى المساواة التى تتبناها مؤسسات المجتمع الغربى وتطالبنا بتطبيقها ولم تكن الرؤية الأمريكية تجاه المرأة ودورها فى المجتمع ترضينى , حتى أنى لاأجد فيها نموذجا يحتذى

لكنه و بالوقت ذاته كان يقلقنى وضع المرأة فى مجتمعنا إلى حد كبير فهو وضع منقوص يفتقد إلى العدالة فى التعاطى مع إنسان خلقه الله ليستخلف فى الأرض , فلا ينتقص من قدرها كونها من أصحاب نون النسوة

ودائما ما شغلنى سؤال يتزايد إلحاحه يوما بعد يوم .. هل المرأة بحاجة إلى المساواة أم بحاجة إلى العدالة ؟

المرأة فى مجتمعاتنا مظلومة ولا شك ,نتعامل معها بنظرية "القرطاس " نبدى من واجباتها أكثر مما ننعطيها من حقوق ,

و المشكلة ليست فى الحقوق والواجبات بذاتها وإنما فيما يترتب علي ذلك من ثقافة تضع المرأة دائما فى خانة المساءلة , يظهر هذا جليا فى نظرتنا للمطلقة والأرملة و"العانس " فى حين أننا إذا حذفنا "تاء التأنيث " نجد النظرة اختلفت تماما , بل إلى النقيض


لكن الظلم لايجبر بالمساواة الكمية التى عبر عنها العقاد بقوله "مساواة الميزان " تلك المساواة التى لاتراعى فروقا خلقها الله وإنما تضع فى أعتباراتها أمورا مادية لاتحفظ حقا وإنما تزيد عبئا

قد تبدو المساواة بمعناها المعروف من المماثلة فى الحقوق والواجبات شعارا رائعا ,وطموحا يبتغى , لكنها ليست حلا مجديا

أعتقد أن المرأة ليست بحاجة إلى المساواة مع الرجل ,وإنما بحاجة إلى العدالة من مجتمع أفقدها الأمان بسلب حقوق لم يعطها إلى الرجل حقوقا زائدة كما يتخيل البعض وإنما أعطاها لنفسه , فمن سلب المرأة حقوقها "المرأة والرجل " معا وليس الرجل فقط,

تنازلت هى حينا واستمرأ هو هذا التنازل حينا آخر , فكان النتاج مجتمعا يظلم نفسه بظلم المرأة

تحتاج إلى العدالة بمفهومها الصحيح الذى يحترم الحقوق من حيث كونها حقوق لامن حيث لمن تعطى

العدالة التى تجعل المرأة والرجل أمام المجتمع سواء , بحيث تتحمل من المسؤلية ما يتناسب مع طاقتها , وهى فى ذلك مصونة من الوقوع تحت وطأة رجل لايقدر دورها , لأن هناك مجتمعا يحترمها

المرأة تحتاج إلى النظر إليها بمفاهيم أخرى غير "فتنة وعورة وضلع أعوج " تحتاج أن تكون "إنسانة ,, وطاقة بناء ,, ومشروع إبداع ,, " لم تسأم هى دور "الأم والأخت والزوجة " لكنها تريد أيضا دور المجاهدة كنسيبة , والطبيبة كروفيدة , والمعلمة كعائشة

إنها تريد ببساطة أن تشارك فى صنع التاريخ بوجوهه المختلفة التى تقدر دور المرأة داخل وخارج أطر منزلها


لكنى لا اعتقد أن تلك العدالة المنشودة تأتى من خلال قوانين "سلطوية " تعطى المرأة حقوقا قانونية تحتاج إلى دعاوى قضائية لأخذها , وإنما تحتاج إلى ثقافة تتغير وأفكار تصحح , من خلال المؤسسات التعليمية والإعلامية , بحيث نبدأ التصحيح من خلال عالم الأفكار الذى ينتج سلوكيات المجتمع ,,, وهذا يحتاج إلى جهود متكاتفة لنعود إلى ميزان التفضيل الأول ... التقوى
* نشرت هذه المقالة بكتاب "أنا أنثى "

 
Designed by Lena Graphics by Elie Lash