
نشأ بعيدا عنها ولكن قلبه ظل معلقا بها , كان حلمه أن يراها
أمنيته أن يعيدها إلى ملكه وسلطانه
كان يدرك جيدا أنها أمنية صعبة المنال , وكانت حسرته أنه لم يكن سببا فى ضياعها ,
وإنما ضيعها من سبقه , فتحمل هو النتيجة يتكبد آلامها
ظل يمنى نفسه بأنه من الممكن أن يذهب إليها
:
أيام مرت
:
:
صارت الأمنية حقيقة
فها هو أمامها
قلبه مضطرب ... مشاعره متناقضة ..عقله يموج بالأفكار
وجدها جميلة كما كانت .. رائعة كما تخيلها ....... ولكنه لم يجد نفسه فيها
نظر إلى ملامحها ..ظن أنها تغيرت ...... وكانت بالفعل قد تغيرت
فقد تحولت المساجد إلى كنائس ..... استبدلت المآذن بالنواقيس
قصور صارت متاحف شاهدة على زمن لم يبقى منه سوى ..... الجدران
ببساطة كانت " الأندلس " ...... وصارت "أسبانيا " ا
, لم يكن يفعل شىء سوى أنه كان يمشى بطرقاتها ..يتأملها بألم على ضياعها .. وأمل أن تعود له
والأصل أنه كان يشعر تجاهها بالمسؤلية
وكعادته كل يوم , كان يستيقظ من نومه ليهيم فى الطرقات , يتشرب العظة ليعطينا الموعظة
وفى يوم ..قابلها
عرفت أنه غريبا .. رفعت حجابها , فرأى وجهها كأنه نورا , كما لاحظ ذلك " الصليب " المعقود بسلسلتها
قالت له بصوت لم ينساه " من الواضح أنك غريب عن هذه البلاد , إذا احتجت شيئا فلا تتردد فى طلب المساعدة "
ومن هنا كانت البداية ..بداية لتغير مشاعره , ونتيجة لذلك تبدلت نظرته تجاه الأشياء
فأصوات النواقيس التى كانت تؤلمه ..صارت تذكره بوقت أن لاقاها
وتلك الصلبان على المآذن , بعد أن كان يزعجه رؤيتها ..صارت ملمح من صورتها يوم أن رآها
وتوالت اللقاءات بينهما
تشرق شمس النهار ليتقابلا ..يجولا فى المدينة مع بعضهما
لم يعد بنظر إليها _ أقصد المدينة _ بتلك النظرة السابقة , وإنما صارت نظرة " سائح "يجول بإحدى البلاد , فقط .....إحداها
ذاع صيتهما وانتشر أمرهما
تلك الفتاة " المسيحية " تصاحب ذلك العربى "المسلم "
لم يكن هذا مقبولا ..بل لنقل كان محرما
عقدت محكمة التفتيش (وهى محكمةأسست بإسبانيا بعد خروج المسلمين , لتنصير المسلمين واليهود الباقين فيها قهرا )ا
والتهمة : إغراء فتاة مسيحية بترك دينها !!!!!؟؟
وقف أمام القاضى صامتا ..أنبأه القاضى بتهمته ..فأنكرها
لم يأبه القاضى لإنكاره وقال له " لا يدل على براءتك إلا شيئا واحدا .. هو أن تترك دينك وتأخذ بدين المسيح "
وهنا خرج هذا الفتى العربى المسلم عن صمته
وتكلم... فقال
فى أى كتاب من كتبكم , وفى أى عهد من عهود أنبياءكم ورسلكم أن سفك الدم عقاب الذين لايؤمنون بإيمانكم ولايدينون بدينكم؟؟؟
أين العهد الذى اتخذتموه على أنفسكم يوم وطئت أقدامكم هذه البلاد أن تتركونا أحرارا فى عقائدنا ومذاهبنا وأن لاتؤذونا فى عاطفة من عواطف قلوبنا , ولا فى شعيرة من شعائر ديننا ؟؟؟؟
أهذا الذى تصنعون اليوم والذى صنعتم بالأمس , هو كل ما عندكم من الوفاء بالعهود والرعى بالذمم ؟؟
نعم لكم أن تفعلوا ما تشاؤن ,
فقد خلا لكم وجه البلاد وأصبحتم أصحاب القوة والسلطان فيها , وللسلطان عزة لاتبالى بعهد ولا وفاء
إن العهود التى تكون بين الأقوياء والضعفاء إنما هى سيف قاطع فى يد الأولين (الأقوياء )وحبل ملتف على أعناق الآخرين (الضعفاء ) ا
أنتم أقوياء ونحن ضعفاء , فأنتم أصحاب الحق الواضح والحجة القائمة , فافعلوا ما شئتم فهذا حقكم الذى خولتكم إياه قوتكم
اسفكوا من دمائنا ما شئتم , واسلبوا من حقوقنا ما أردتم , واملكوا علينا مشاعرنا وعقولنا حتى لاندين إلا بما تدينون , ولا نذهب إلا حيث تذهبون فقد عجزنا عن أن نكون أقوياء , فلابد أن ينالنا ماينال الضعفاء
حاول الإستمرار .... ولكن .... السيف كان أسبق
ودوت صرخة امرأة من بين الصفوف , لم يعرف مصدرها ..ولكننا الآن نعرف مصدرها
كان ذلك الفتى العربى المسلم هو
سعيد بن يوسف بن عبد الله " حفيد أخر ملوك الأندلس
أعدم فى محكمة التفتيش
وهى..... تلك الفتاة المسيحية كانت
فلوراندا
يرى المار اليوم فى مقابر أسبانيا قبرا مكتوب عليه
"هذا قبر آخر ملوك الأندلس "
" من صديقته الوفية حتى الموت " ...فلورندا