أبيض وأسود
لسنوات طوال ظل خروج المرأة إلى العمل إشكالية كبيرة تؤرق فريقين لنقول عنهما متناقضين وكانت هذه القضية محل
شد وجذب بينهما وعلى أثر هذا الشد والجذب صارت هذه القضية محل إهتمام من عامة الناس على طريقتهم بالطبع
فخروج المرأة إلى العمل كان محل ترحيب من الحركات النسائية والتى طالبت بهذا الحق على مدار سنوات طوال كما
أنها نادت بأن تتولى المرأة جميع المناصب التى يمكن أن يتولاها الرجل بدءا من رئاسة الجمهورية حتى حراسة
العقارات وجعلوا من هذا هما أول وحقا لابد أن ينتزع ونسوا أو تناسوا دور المرأة الأهم فى بيتها وفى إعداد جيل
صالح ينهض بهذه الأمة اليتيمة وجعلوا كل تركيزهم فى كيفية إخراج المرأة من هذا المستنقع الذى هو بيتها وتخليصها
من القهر الذى تتعرض له فى بيتها على يد أبناءها وزوجها بالطبع ؟؟
أما الفريق الآخر فكان فى موضع رد الفعلوما دمت ترفض الآخر فإنك سترفض كل ما يصدلر عنه وهذا هو ما حدث
بالفعل فكان الرفض التام لخروج المرأة للعمل وأخذوا يستدلون بآراء فقهية وفى بعض الأحيان بآراء عقلية ومنطقية
ونماذج تؤكد هذه الآراء وجعلوا من خروج المرأة إلى العمل إنهيار للأسرة المسلمة وتفكك لشملها وبالتالى تتحمل هذه
المرأة التى تخرج إلى العمل وزر ضياع الأمة وتأخرها وتخافها بالإضافة إلى ضياع أبناءها وسقوطهم فى الهاوية
,
ولأن المحرك الأساسىلهذه الأمة هو الدين فقد ذهب البعض إلى تحريم خروج المرأة إلى العمل وكانت هذه الأخيرة هى
السبب الرئيسى فى عدم خروج بعض السيدات للعمل
وتجاهلوا بذلك إمكانيات فى المرأة قد تؤهلها لإحداث تغيير فى العالم الإسلامى ولسنا هنا بصدد الحديث عن نماذج فى
التاريخ الإسلامى تؤكد هذا المعنى , ولكن ما يعنينا هنا هو أنه وعلى الرغم من هذا الترحيب المطلق بخروج المرأة إلى
العمل من قبل أحد الفريقين والر فض المطلق من قبل الفريق الآخر , وبذل كلا منهما ما فى وسعه لإثبات صحة نظريته
بل ولفرضها فى الواقع إلا أن أحدا منهما لم يتوصل إلى حل وسط يستطيع أن يريح هذه الأمة المنهكة من كل جوانبها
فمن قال بتحريم خروخها نسى أو تجاهل أن هذه المرأة لها عقل وكيان يتمتع ب؟إمكانيات ومهارات قد نفتقدها فى كثير
من الرجال ومن الممكن إستغلال هذه المهارات وتوظيفها بحيث نرتقى بهذه الأمة , وأيا كانت مبررات هذا الفريق فلا
يجوز حصر دور المرأة فقط فى البيت ومع إعترافنا بأهمية هذا الدور بل وبأولويتهأيضا وبالجهد الذى يتطلبه والنفع
الذى يعود منه إلا إننا بهذا الرأى وكأننا نريد أن نفرغ بحر هائج فى دلو صغير وهكذا المرأة بكل ما لديها من إمكانيات
إذا لم يتم توظيفها وإستغلالها سيتحول دورها فى البيت إلى دور رقابى بحت وبهذا يكون الكبت الذى يفكك الأسرة جديا
أما من قال بوجوب خروج المرأة مع إهمال دورها فى البيت وجعله دورا ثانويا فى حياة المرأة فهى لابد أن تحقق ذاتها
أولا وتبنى كيانها المستقل وذلك اكى تستطيع هزيمة هذا العدو الساكن معها فى نفس البيت أما الأبناء فلهم وسائل الإعلام
المرئية والسمعية والإنترنت و الأصحاب فهؤلاء هم من سيربونهم وينتجون لنا جيلا نافعا يافعا
وهكذا وقفنا على شاطئى بحر به غريق نختلف على وسيلة إنقاذه
هذه الأمة لن تنهض وترتقى إلا بجهود جميع أفرادها من رجال ونساء ,بشرط أن يعلم كل فرد حق العلم وأن يفهم تمان
الفهم دوره فى هذه الحياة فالرجل له دوره والمرأة كذلك وربما يقع عليها الحمل الأصعب فهى مطالبة بأن تصنع جيلا
قويا مؤمنا قادرا على المواجهة وهذا هو الأهم داخل أسوار بيتها أما خارجه فعليها أن تستغل مهاراتها وتوظف إمكانيتها
بما يفيدها ويفيد المجتمع وبذلك قد نكون وصلنا إلى المنطقة الرمادية فالحياة ليست أبيض وأسود
No comments:
Post a Comment