Saturday, August 7, 2010

LTA3 ,,, عينُ أخرى

الآن يمكننى أن أسجل بعضا مما حمله عقلى وحوته نفسى طوال الثلاث أسابيع الماضية ,, وأعترف أنى إلى الآن لم أستوعب تماما كل ما حدث ,, جزء من المشكلة أننى لم أستطع _ وحقيقة لم أحاول _ الهرب من عادة عقلى بإعطاء كل الأمور وقتا إضافيا للفلترة ,, فليس كل ما هو داخل إليه مقبول له,, لكن بالضرورة كل ما هو خارج منه مرفوض بالنسبة إليه ,,

عملية " الطرد " و" التثبيت " هذه كانت على أوجها خلال أيام الأكاديمية , و هنا لا أقصد المحاضرات والمواد العلمية وإنما أعنى ما هو خارج إطار المسلمات والقناعات ,, أقصد تحديدا التفاعل البشرى والاحتكاك الإنسانى الذى كان متواجدا من خلال الفعاليات والنشاطات المختلفة ,, لأنه بالنهاية تبقى المادة العلمية إطار تنظيرى يقبل التطبيق وعدمه ,, أما المواقف اليومية والمشاهدات الحية فهذه هى أكثر ما ينطبع فى النفس ويرسم خطوطا بارزة فى العقل يصعب محوها ويكون المجهود فى إعادة تدويلها ووضعها فى نصابها الصحيح أكبر وأعقد مما يحتمله الوقت أحيانا .. لذا فإننى لم احاول إرهاق عقلى باستعجاله ,, وعزمت على ترك الأمور تجرى فى مسارها الصحيح ليقوم بمهمته على الوجه الأكمل ,, فكفاه ما يعانيه معى :)

وكنت قد نويت أن أكتب يومياتى بالأكاديمية , لكنى لم أفعل ,, إما لضيق الوقت تارة ,, أو لأن الكلمات خانتنى تارات أخرى ,, لكن على كل حال مازالت ذاكرتى تسعفنى خاصة فيما لا يمكن أن يُنسى من مواقف وأحداث وشخوص أحدثوا ما هو أكبر من النسيان ,,

وحقيقة احترت وأنا ادون ما أكتبه الآن فى "ماذا سأكتب" ؟؟ ,, هل عن الأحداث بتفاصيلها الكثيرة والمشوقة أم عن الأشخاص الذين أثرونى فعلا وتركوا بصماتهم فى وجدانى على نحو غيرمسبوق أم الإفادات والمواد العلمية التى أصقلتنا علما وخبرة وفهما ,, واستقر بى المقام إلى أن اكتب ما يمليه علىّ قلمى وفقط ,, فالقلم أصدق البيان ,وهو أيضا الأعلم بما يريد أن يقوله عقلى فقررت أن اترك الأمر بينهما ,, ,,

لفترة ليست بالقصيرة من بداية الأكاديمية وحتى النهاية كان هناك إحساس يتملكنى أن ثمة " حكمة " من وجودى فى هذا المكان تتجاوز فكرة " التجربة " التى سعيت إليها أو أتت إلىّ ,,الأمر أكبر من ذلك ,, لكنى لا أعرف ماهو ؟؟!! ..

سعيت أن أُحصّل كل ما يمكننى تحصيله وأن أتدارك كل ما يفوتنى سريعا حتى أصل إلى حقيقة هذه الحكمة , لكنى لم أصل ,, صدقا كان هناك بداخلى مالم أستطع فهمه ,, ترجمته بداية على أنه عدم إدراك للموقف ,, ثم بأنها تجربة جديدة هذه طبيعتها ,, لكن بقيت هناك حلقة مفقودة تدفعنى للبحث عنها ,,

حتى جاء حفل الختام ,,, تذكرت ما نسيته طوال أيام مضت ,, " رؤيا " _احتفظ بتفاصيلها _ قد جعلها ربى حقا ,, حينها استبشرت بالقادم وتبدد خوفى الذى تملكنى قبيل انتهاء الأكاديمية من مسؤلية تنتظرنى مستقبلا لا أعرف كنهها تحديدا ,, إحساس بالمعيّة غمرنى جعلنى أنظر لما مضى بعين غير التى كنت انظر بها سابقا ..

بهذه العين يمكننى الآن أن اتحدث عن أكاديمية إعداد القادة 3 ,,




نبدأ بالأهداف فهذه تحديدا أول الأمر ومنتهاه ,, لن أتحدث عن أهدافى من الأكاديمية وإنما عن قاعدة تعلمتها بعد تجربة هناك ,, "النجاح لا يعنى فقط قدرتى على تحقيق الأهداف التى رسمتها ,, وإنما أيضا مقدرتى على خلق أهداف جديدة تتوافق مع الظروف التى أنا فيها والإمكانيات المتاحة من خلالها " ,, بمعنى أنه إن كانت ثمة أهداف قد حددتها مسبقا فلا يعنى هذا أن أتوقف عندها ولا أتجاوزها وإنما يمكننى أن أتنازل عن بعضها فى مقابل أخرى يفرضها الظرف والمكان ..


كانت هذه أولى الدروس وأهمها,, ولن أنكر أنى أخذت وقتا حتى أتوصل إليها وأتأقلم مع فكرة أن هناك " بديل " إن لم يكن " بدائل " يمكن للإنسان أن يتعامل معها لتحقيق النتيجة ذاتها , فقد كنت أملك قدرا لا بأس به من " الأحادية " فى التعامل مع بعض الأمور ,, فأن أصل إلى هذه النتيجة فهذا يعد من إنجازات القرن الواحد والعشرون :),,
بدأت رؤيتى فى التغير فى الثلاث أيام الأولى من الأكاديمية ,, عندما وجدت أنه من الخطأ أن أقصر وجودى فى هذا المكان على أمور محددة سابقا ,, تركت مساحة حرة لمعايشة التجربة كما هى ,, وفى كل يوم كان يتبين لى أن ثمة أمرا لم انتبه إليه يستحق أن أضعه فى قائمة أهدافى ,, حتى وصلت إلى النقطة التى تبلورت فيها هذه النتيجة وأخذت عمقها بداخلى ,,

بالتأكيد مازلت بحاجة إلى "الوقت" لاستكمال الرؤية وتحقيق التطبيق الأصح فأى معنى جديد يدخل العقل يحتاج إلى خبرة تصقله وأحداث تؤكده حتى يضحى قناعة يتحرك الإنسان من خلالها ,, لكنى لم أعد أخشى هذا المعنى " السلبى " للوقت باعتباره قادر على تشويه المستقبل ووأد الأحلام ,, ببساطة لم تعد معركتى مع " الزمن " ولكن مع ما أحدثه فيه ,, ولهذا قصة يطول ذكرها تتبع فى المقال التالى إن شاءالله
:)

 
Designed by Lena Graphics by Elie Lash